يعاني الجيل الجديد من فقدان الوظائف بنسبة أكبر من مواليد الجيل الأسبق والذي يليه. ينسب البعض هذا الأمر للفجوة الكبيرة بين الأجيال، والبعض الآخر يعزوه إلى اتّصاف أبناء الجيل زد باللامبالاة وعدم الالتزام، لكن ما الأسباب
الحقيقية وراء هذه المعاناة؟ وكيف يمكن تفادي توسيع الفجوة بين الأجيال؟
المحتوى
من هم أبناء الجيل زد؟
مقارنة بين الجيل زد والجيلين السابقين
الاتهامات الموجهة لأبناء الجيل زد
الأسباب التي تقف وراء فقدان أبناء الجيل زد وظائفهم
كيف تتعامل مع أبناء الجيل زد الموظفين؟
من هم أبناء الجيل زد؟
يعود مصطلح الجيل زد إلى مواليد الفترة بين 1990 و2010، ويُعرفون ب”أبناء التكنولوجيا” كونهم وُلدوا في عصر سهولة الوصول إلى الإنترنت واستعمال التكنولوجيا، وحقيقة أنهم متأثرون بشكل كبير بوسائل التواصل الاجتماعي والتغيرات السريعة من حولهم.
مقارنة بين الجيل زد والجيلين السابقين
أصبحت الفجوة بين الجيل زد والجيلين اللذين يسبقانه (جيل الألفية والجيل العاشر) واسعة وواضحة وضوحًا جليًا، وهذه مقارنة بسيطة توضح الفارق بين كل جيل من الأجيال الثلاثة:
الجيل العاشر: أبناء الجيل العاشر هم أولئك الذين ولدوا بين فترة الستينات وأوائل الثمانينات، وهم معروفون باعتمادهم الطرق التقليدية في التعامل مع الأمور سواء داخل بيئة العمل أو خارجها. يتّصف أبناء الجيل العاشر بالاستقلالية وحب الاعتماد على النفس، ويتّسمون بالتشكيك في الأنظمة السياسية والاقتصادية لمعاصرتهم عددًا من الثورات والتغييرات الجذرية عبر خلال العقود الماضية. عاصر أبناء الجيل العاشر بداية الانتقال من العصر الورقي إلى عصر التكنولوجيا، لكنهم لم يستخدموها في أعمالهم بشكل ملحوظ.
جيل الألفية: يطلق هذا الاسم على من وُلد في أواخر الثمانينات وأوائل ومنتصف التسعينات. يعرف أبناء هذا الجيل بتقديرهم للتوازن بين العمل والحياة الشخصية واستخدامهم للتكنولوجيا بشكل أكبر من أبناء الجيل العاشر على الرغم من أنهم لم يعاصروها منذ نشأتهم. يتّصفون بالانفتاح وتقبّل التغيرات المختلفة في حياتهم، ويملكون نوعًا من قوة التأثير على الجيل الجديد في ميادين التعليم ووسائل التواصل وغيرها.
الجيل زد: هم أبناء التكنولوجيا، وتعرفوا عليها وعلى أدواتها منذ الصغر، ولذلك يتهمهم البعض بالاعتماد عليها في مختلف مناحي حياتهم. يعطون الأولوية للصحة النفسية والجسدية ويقدّرون التنوع والاختلاف ويطالبون بالمرونة في التعليم والعمل (يفضلون مبدأ التعليم والعمل عن بعد)، ويتصفون بالتركيز لفترات قليلة بسبب اعتيادهم على السرعة.
الاتهامات الموجهة لأبناء الجيل زد
يفضل أبناء الجيل زد العمل ضمن بيئة تتفق مع مبادئهم وتمنح لهم فرصة التعلم المستمر سواء عبر برامج تدريبية أو التوجيه المستمر الهادف إلى تطوير مهاراتهم. تُعَدّ التكنولوجيا محورًا أساسيًا من حياة أبناء الجيل زد، ولذلك هم مرتاحون لاستخدام الوسائل التكنولوجية في العمل والعلم، لكن البعض يتهمهم بعدم الولاء لأنهم يبحثون عن فرص أكبر وأفضل تتماشى مع أهدافهم في التطوّر.
- التنقل الكثير بين الوظائف: يُتّهم أبناء الجيل زد بالتنقل بين الوظائف بكثرة ولا يتّسمون بالولاء لصاحب العمل أو للشركة. ربما يكون عدم استقرارهم في وظيفة ما لمدة طويلة صحيحًا، لكن هذا بسبب بحثهم عن تطوير ذاتهم ومهاراتهم وليس بسبب قلة الولاء.
- عدم الالتزام: يرى بعض أصحاب العمل أن الجيل الجديد لا يقدّم جهدًا ولا اهتمامًا بعملهم، وذلك نظرًا لمتطلباتهم الخاصة بالتوازن بين الحياة والعمل والمرونة في ساعات ونظام العمل.
- ضعف مهارات التواصل: يفضّلأبناء الجيل زد المحادثات عبر وسائل وأدوات التكنولوجيا، وهذا يُعَدّ سببًا لضعف مهاراتهم الاجتماعية، ما يؤدي إلى سوء الفهم وضعف الاحترافية.
- التوقعات الخيالية: يرى كثيرون أن أبناء الجيل زد يتوقّعون مرتبات وفوائد وترقيات عالية بغض النظر عن الجهد الذي يبذلونه للعمل، وأن لديهم توقعات غير واقعية فيما يتعلق ببيئة العمل ويشعرون بالامتعاض في حال مواجهتهم بعض التحديات في العمل أو بحال عدم تلبية متطلباتهم بسرعة.
- الاعتماد على التكنولوجيا: يتّهم الناس أبناء الجيل زد بضعف مهاراتهم الشخصية مثل حل المشكلات والتفكير المنطقي والتواصل، إضافة إلى تفضيلهم الانعزالية، ويرجعون ذلك إلى اعتمادهم على التكنولوجيا أكثر من مشاركتهم بالأنشطة الحياتية.
الأسباب التي تقف وراء فقدان أبناء الجيل زد وظائفهم
- الأسباب الاقتصادية: قد تؤدي المشاكل الاقتصادية إلى دفع الشركة لإغلاق عدد من فروعها أو تسريح بعض الموظفين، ومن بينهم موظفو الجيل الجديد.
- العقود قصيرة الأجل: تميل معظم الشركات إلى تعيين الخريجين أو الشباب بعقود قصيرة الأجل أو بنظام المشاريع، وبانتهاء فترة العقد أو اكتمال المشروع يتم الاستغناء عن هؤلاء الموظفين.
- ثقافة الشركة: تلتزم بعض الشركات بثقافتها الخاصة التي ربما لا تتماشى مع مبادئ وقيم أبناء الجيل زد (مثل المرونة والمسؤولية الاجتماعية)، أو ربما يملك مسؤولو التوظيف أحكامًا مسبقة عن الجيل الجديد تجعلهم منحازين ولو قليلًا تجاه الموظفين الأكبر سنًا (من الجيل العاشر أو جيل الألفية) في أمور الترقيات والفوائد وغيرها.
- سياسات التوظيف: ربما تعتمد بعض الشركات سياسات توظيف لا تناسب المتقدمين أبناء الجيل الجديد، مثل الإجراءات الطويلة والمقابلات المتكررة، وهذا يؤدي إلى خسارة المواهب التي تفضل إجراءات أسرع وأكثر بساطة.
- قلة فرص التوظيف: قد تعاني الشركات التي تفشل في توفير برامج تدريب قوية ومفيدة من خسارة الموظفين بين أبناء الجيل زد بسبب بحثهم عن فرص تساعدهم على تحسين مهاراتهم. إضافة إلى أن الافتقار إلى الإرشاد والملاحظات المفيدة يمكن أن يؤثر على ثقة وأداء أبناء هذا الجيل، مما يؤثر على استمرارية عملهم.
كيف تتعامل مع أبناء الجيل زد الموظفين؟
إن أبناء الجيل زد موهوبون حقًا على الرغم من صغر سنهم؛ فهم أذكياء ولديهم مصادر مفتوحة للعديد من أشكال المعلومات، بالإضافة إلى استعدادهم للتعلم والتطور. يجب على الشركات أن تبدأ في ضخّ دماء جديدة عبر الاهتمام أكثر بهؤلاء والاستفادة من حداثتهم، ومحاولة تسهيل ظروف العمل بطريقة تناسب الشركات والموظفين الشباب. فيما يلي بعض التوصيات للشركات للتعامل مع موظف من الجيل زد:
- دعم التطوير: يجب على الشركات أن تأخذ بعين الاعتبار رغبة موظفي الجيل زد في تطوير مهاراتهم. ومن خلال توفير برامج التدريب وتقديم ملاحظات مفيدة، ستحظى الشركات بفرص أفضل للاحتفاظ بموظفيها.
- تبنّي الحلول التكنولوجية: ينبغي للشركات أن تصبح أكثر حكمة عند التعامل مع جيل زد الذي يعتمد على التكنولوجيا، بل ينبغي لها أن تستغل هذا الأمر كميزة لأننا نعيش في عالم رقمي اليوم. إن التكنولوجيا والإنترنت لهما تأثير هائل على نجاح الشركة، لذا فإن وجود موظف من الجيل زد سيساعد الشركة بالتأكيد على تحقيق أهدافها.
- المبادئ المتفق عليها: حاول الوصول إلى نقطة التقاء مع أفراد الجيل زد، حاول الجمع بين قيم الشركة وقيمهم للوصول إلى أفكار مشتركة تدفع كلا الجانبين في اتجاه واحد، وهو تحقيق الأهداف المشتركة.
- المرونة: على أصحاب العمل فهم أن الجيل زد يفضل حياة عمل متوازنة، لذا حاول تسهيل مشاركتهم في العمل من خلال تقديم حلول عملية، مثل ساعات العمل المرنة أو فرص العمل عن بعد.
- التشجيع والدعم: على الشركات خلق بيئة حيث يمكن للموظفين مشاركة ومناقشة أفكارهم بشكل مريح والحصول على ردود فعل بناءة بانتظام، ومحاولة الاعتراف بإنجازاتهم ومساهماتهم في سبيل رفع معنوياتهم ودفعهم للعمل بشكل أكبر. يجب على أصحاب العمل إعطاء دافع مستمر لأبناء الجيل زد لدعم إبداعهم بالإضافة إلى خلق شعور بالتقدير.
إن فهم قيم ودوافع الجيل زد يمكن أن يسد الفجوة بين الأجيال في مكان العمل. معالجة قضايا مثل التنقل بين الوظائف، ومهارات الاتصال، والتوقعات الخيالية من خلال التطوير الداعم والتكنولوجيا والبيئات الشاملة يمكن أن تحافظ على المواهب، وتستغل الإبداع، وتفيد كل من موظفي الجيل زد والمؤسسات في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة.